الرئيسية / حوارات / مداخلة مدير المركز السوري للدراسات والحوار أمام وفد مجلس الأمن الدولي في دمشق

مداخلة مدير المركز السوري للدراسات والحوار أمام وفد مجلس الأمن الدولي في دمشق

السادة المندوبون والمسؤولون الكرام،
مع سقوط النظام، وجد السوريون أنفسهم أمام مسؤولية بناء دولة جديدة تقوم على عقد اجتماعي شامل وتشاركي يضم جميع المكوّنات والتيارات والقوى. وكان ينبغي لهذا العقد أن يستفيد من خبرات جميع المناطق السورية، بما فيها نموذج شمال وشرق سوريا. لقد أثبتت التجربة أن فرض نظام أحادي لا يمكن أن يحقق استقرارًا حقيقيًا، بل يؤدي إلى الانقسام ويعمّق المآسي.
أولاً – التحديات الراهنة ومسارات الحل: اللامركزية والاتفاق الوطني
إن التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية الجديدة و”قوات سوريا الديمقراطية – قسد” يُعد مسألة وطنية وركيزة أساسية لبناء دولة مستقرة، ديمقراطية، تعددية ولامركزية.
وتُظهر تجربة شمال وشرق سوريا نموذجًا ناجحًا في الإدارة الذاتية، وإدارة التنوع العرقي والديني، وتعزيز مشاركة المرأة حتى مستويات الرئاسة المشتركة. ونعتقد أن الاستفادة من هذه التجربة في عموم البلاد يشكل أساسًا لبناء شراكة فعلية وضمان توزيع المسؤوليات.
إن سوريا بلد متنوع، واللامركزية هي النموذج الأكثر قدرة على خلق توافق وطني وتعزيز وحدة البلاد وحمايتها.
ثانياً – دفع مسار المفاوضات
يشكل اتفاق العاشر من آذار بين الرئيس الشرع والجنرال مظلوم عبدي نقطة مفصلية تعبّر عن وجود إرادة للحل، إلا أن المفاوضات ما تزال في إطار لقاءات رسمية مصغّرة لم تحقق التقدّم المأمول.
وهنا تبرز ضرورة إشراك المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والاقتصاديين لتعزيز العملية التفاوضية ودفعها نحو اتفاق وطني شامل يعيد تعريف هوية الدولة على أسس ديمقراطية.
كما أن فقدان الثقة بين الطرفين نتيجة تراكم إجراءات خاطئة من جانب واحد، وما نتج عنها من أحداث في الساحل والسويداء، يتطلب خطوات حقيقية لإعادة بناء الثقة، بدعم من الشركاء الدوليين.
ثالثاً – كسر جدران الاغتراب الداخلي
الإجراءات الأحادية من قبل الحكومة الجديدة، سواء في الحوار الوطني أو الإعلان الدستوري أو تشكيل مجلس الشعب، دفعت قطاعات واسعة من الشعب إلى حالة من الاغتراب تجاه بقية المناطق، وعلى رأسها شمال وشرق سوريا.
ويزداد الأمر تعقيدًا مع استمرار إغلاق الطرق من قبل فصائل غير منضبطة، ما يعيق تنقل المدنيين والبضائع.
ومن هذا المنبر نطلب مساعدتكم في فتح الطرقات وإزالة الحواجز التي فُرضت خلال سنوات الحرب.
رابعاً – مواجهة خطاب الكراهية
تشهد الساحة السورية تصاعدًا خطيرًا في خطاب الكراهية الذي يهدد السلم المجتمعي، ويعيق الحوار الوطني، ويؤثر سلبًا على مسار المفاوضات.
لا يمكن لأي توافق أو حوار أن ينجح دون مواجهة هذا الخطاب وبناء لغة تقوم على السلام والتعايش والقبول المتبادل.

خامساً – شكل الدولة والقضية السياسية
إن جوهر الأزمة السورية سياسي بامتياز، يتعلق بطبيعة الإدارة وشكل الدولة وحق الشعوب في العيش بحرية.
والنظام اللامركزي هو النموذج الأكثر قدرة على:
* ضمان الحقوق والواجبات،
* إعادة بناء الثقة،
* وصل الجسور بين المكوّنات،
* وتحفيز التطوير والازدهار.
القضية في شمال وشرق سوريا هي قضية سياسية وشعبية، تتعلق بالشعب الكردي وبقية المكوّنات الأصيلة. وهي ليست قضية لغة أو ثقافة فقط، بل قضية ديمقراطية وحقوق شعب.
وهذه الملفات مترابطة، وتتطلب خطة طريق واضحة تعيد بناء الوطن وتصوغ هويته بعد استعادة الثقة.
سادساً – خطر المخيمات والعدالة كأولوية عاجلة
إن استمرار وجود مخيمات مثل الهول وروج وغيرها، التي تضم عشرات الآلاف، يشكل خطرًا متصاعدًا على سوريا والمنطقة والعالم.
بات من الضروري إيجاد حل جذري لهذه المخيمات، وعلى الجهات المحلية والدولية التعاون لإيجاد حلول تدريجية وممكنة.
سابعاً – الشراكة في تطوير النظام القضائي
نطالب المجتمع الدولي بالمشاركة في تطوير النظام القضائي السوري بالشراكة مع الحكومة الجديدة والإدارة الذاتية، بما يمكّن من محاكمة الإرهابيين وإعادة تأهيل الأطفال واليافعين، وتعزيز قدرات إدارة السجون التي تمثل اليوم أحد أبرز مصادر الخطر المستقبلي.
ثامناً – النزوح والتهجير القسري
يشكل النزوح والتهجير القسري جرحًا عميقًا في الجسد السوري، ولا يمكن بناء الثقة دون تسهيل عودة المهجّرين وتعويضهم بطرق عادلة.
ونؤكد ضرورة معالجة أوضاع المهجَّرين قسرًا في عفرين وسري كانيه وتل أبيض والعمل على إعادتهم.
ختاماً
إننا في شمال وشرق سوريا نطالب بـ شراكة حقيقية راسخة لا بمساعدات عابرة، وبفرصة لإرساء أسس السلام والاستقرار، وإعادة بناء الدولة على قاعدة التنوع واللامركزية.
إن الوحدة الحقيقية تقوم على الاعتراف بالاختلاف لا إنكاره، وعلى التعاون لا الخصومة.
السادة الحضور،
إن الوقت ليس في صالح السوريين. يجب أن نعمل معًا للانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة البناء والتنمية، والاستفادة من خبرات السوريين في الداخل والمهجر، وتعزيز الثقة المتبادلة وترجمتها إلى مشاريع عملية على أرض الواقع.
وفي ختام المداخلة تخلل الجلسات عرضٌ لمجموعة من المحاور تناولت تأكيدًا على أن القضية سياسية بامتياز، وأن الحقوق السياسية هي جوهر المطالب، وليست مجرد مسألة لغوية أو ثقافية.و تضمنت الفعالية مجموعة من الطروحات التي سلطت الضوء على دور المرأة وأوضاع الإيزيديين، وقضية النزوح والتهجير القسري، وضرورة إعادة المهجّرين في عفرين وسري كانيه وتل أبيض.

شاهد أيضاً

ندوةٌ حوارية حول القضية السورية والحلول الممكنة

قام المركز السّوريّ للدّراسات والحوار بتنظيم ندوة حوارية في مدينة كوباني حول آخر التطورات السياسيّة …

ندوة حواريّة لتطوير القطّاع التّجاريّ في منطقة منبج

  أقام المركز السوري للدراسات والحوار في يوم الثلاثاء 11/12/2018 الساعة الرابعة عصرًا ندوة حواريّة …

الواقعُ الزراعيُّ في مدينةِ الرّقة

               الواقعُ الزراعيُّ في مدينةِ الرّقة عقد المركز السوريّ …

المركز السوري للدراسات والحوار يعقد محاضرة فكرية بعنوان : الإسلام الديمقراطي في النظرية السياسية للإسلام

أقام المركز السوري للدراسات والحوار محاضرة فكرية بعنوان : الإسلامُ الديمقراطي في النظرية السياسية ألقاها …